بسم الله الرحمن الرحيم
كانوا يعيشون معا داخل الشقة.. يأكلون ويشربون وينامون ويتبادلون الضحكات.. أسرة صغيرة.. أب وأم وثلاثة ابناء.. رغم الخلاف الكبير بين الابوين إلا أن الاسرة الحقيقية كانت تبدو سعيدة حينما يجتمع الأب بالأبناء الثلاثة.. كانت الزوجة تعيش في واد غير الذي يعيش فيه زوجها منذ سنوات رغم ان حياتهما معا تحت سقف واحد.. أصبحت لكل منهما حياته المستقلة مع الابناء!
داخل الشقة كان الاب وابناؤه الثلاثة يعيشون أجمل أيام العمر.. ضحك ولعب ومذاكرة وحكايات قبل النوم.. واستمرت هذه الحياة حتي كانت النهاية البشعة .. ذهب حسام كعادته لاحضار ابنائه الثلاثة من المدرسة.. عاد بهم يضاحكهم ويمازحهم طوال الطريق.. كان الاطفال الثلاثة سعداء بعودة والدهم إليهم بعد ان ظل بعيدا عن البيت يومين لخلاف جديد مع زوجته سناء.. سأل الابناء والدهم هل سيتناول الغداء معهم؟! ورد عليهم: 'طبعا.. " أصلكم وحشتوني قوي ".. طاروا من الفرحة.. خاصة خلود التي كانت تحبه بجنون.. وما ان وصلوا البيت حتي اقترح حسام على اطفاله ان يلعب معهم 'الاستغماية' مثلما كان يفعل دائما.. وفي سعادة بالغة أحضر كل منهم منديلا قام الأب بربطه علي عينيه.. وبسرعة طلب ان يدخل كل منهم إلي حجرة.. لم يكن الابرياء الثلاثة يعلمون ماذا يخطط لهم أعز الناس.. دخل حسام أول حجرة.. كانت بها خلود.. امسك بها.. ضحكت الصغيرة.. ظنت خلود أن ' بابا' لازال مستمرا في المداعبة.. لكن يده كانت تحمل سكينا فصلت رأس خلود عن جسدها بسرعة.. تفجرت الدماء.. ساد الحقد.. ورقص الشيطان!.. ويتكرر نفس المشهد مع ابنته الثانية نهلة.. وابنه الثالث زياد.. الابناء كانوا في عز الأمان.. لايخطر ببالهم اطلاقا ان الموت على مسافة أمتار قليلة.. وان القاتل هو ' بابا' الذي احبوه وأحبهم بشكل يشهد به الجميع.. شيء ما.. شيء خطير حدث.. امتلأت الشقة بالدماء والجثث.. وهرب الأب!.. وعادت الأم التي تعمل مدرسة اعدادي لتجد المصيبة الكبرى في انتظارها.. انتهي كل شيء في لحظات.. البيت والاولاد والزوج.. الأسرة أصحبت ذكرى!.. أيام وتم القبض علي الاب هائما عل وجهه.. اتهم زوجته بالتسلط، والجبروت، وانه فكر في ان يجد حلا.. لو قتلها هي لاستراحت.. ولو قتل نفسه ايضا استراحت.. لم يتبق اذن سوى ان يقتل اطفاله لتموت سناء ألف مرة كل يوم!.. ورغم حبه لاولاده نفذ جريمته طالما انه سيموت بعدهم علي حبل المشنقة!
حققنا كل جوانب الحادث بالكلمة والصورة.. وانفردنا بحديث الأم التي تعيش الآن بمفردها.. سألناها عن أصل الحكاية وتكلمت سناء مثلما تكلم حسام.. لكن تظل في النهاية حقيقة مؤكدة هي ان الضحايا لن يتكلموا أبدا.. لأنهم الآن في حياة أخرى غير حياتنا.. ذهبوا اليها جائعين.. جائعين.. قبل ان يتناولوا طعام غدائهم مع ابيهم .. القاتل.